القهم العصابي Anorexia Nervosa
يُعدّ الجسم المثالي والمنحوت والرشيق حلم كل إنسان في هذا العالم، ولكن لا يُمكن للأفراد أن يتشابهوا جميعهم في الشكل الخارجي، لذلك نلاحظ أنه توجد عدّة أشكال للأجسام البشرية ما بينَ {النحيل، الكمثري، الساعة الرملية، الممتلئ} وعدّة أشكالٍ إضافية، فكل إنسان يتميز بشيءٍ مختلف عن الآخر، ولكن توجد فئة قليلة في المجتمع وخاصةً فئة المشاهير وعارضات الأزياء، تُحاولنَ عدم الاقتراب منَ الطعام إلّا وقتَ الحاجة، فهل لكَ أن تتخيل أن يصل الحدّ ببعض الأشخاص إلى تجويع أنفسهم كثيراً وإذا تناولوا الطعام يُعاقبون ذاتهم بالتقيؤ أو النشاطات البدنية القاسية؟ نعم توجد هذه الحالة التي تُسمى بالقهم العصابي، فما هو القهم العصابي Anorexia Nervosa؟ وما هيَ أعراضه؟ أسبابه؟ وعلاجه؟
ما هو القهم العصابي Anorexia Nervosa؟
{القهم العصابي أو القهم العصبي أو فقدان الشهيّة العصبي} التسميات متعددة ولكن المعنى واحد، وهوَ عبارة عن اضطراب نفسي جسدي يُصيب الإنسان، ومنَ المُمكن اعتباره اضطراب من اضطرابات الأكل، يُحاول فيه الشخص الابتعاد عن جميع الأطعمة والمشروبات التي تُسهم في زيادة الوزن، وقد يصل بهِ الحدّ إلى الشعور بالجوع ولا يتناول الطعام إلّا بعدَ أن يشعر بالرجفان وعدم قدرته على الاستمرار، فتفكيره دائماً ينشغل بالكيلوغرامات التي سيزيدها إذا تناولَ الطعام، وبالتالي يُصاب بالهَوَس من جسده إذا شعرَ أنهُ ازداد.
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ هذه الحالة قاسية جداً، فهيَ عبارة عن عذابٍ دائم للمُصاب بها فتُؤثر على حالته النفسية وصحتّه الجسدية، فعندما يجوع يبدأ بتناول الطعام ولكنهُ يُعاقب نفسه بعدَ ذلك ويشعر بحالة منَ الاكتئاب، فيبدأ بالتقيؤ عن قصد أو ممارسة النشاطات البدنية القاسية على جسده الضعيف والمفتقد للعناصر الغذائية أو عن طريق أدوية التخسيس.
علاوة على ذلك، يُعاني أصحاب هذه الحالة من نقص حاد في الوزن وسوء التغذية بسبب إهمالهم الوجبات الرئيسية، فيتناولون وجبة خفيفة يومياً وقليلة السعرات الحرارية، ويُفكرون دائماً برأي الناس بهم أو خسارتهم الوظيفة إذا ازدادَ وزنهم، وتنتشر هذه الحالة عادةً بينَ الأشخاص غير الواثقين من أنفسهم أو المعرّضين للتنمر بسبب أوزانهم أو مجالهم المهني {كالمودل، الباليه، التمثيل} أو أي مهنة تتطلّب منهم الرشاقة.
ونوّد الإشارة، أنَ هذه الحالة المرضية تنتشر بكثرة عندَ الإناث أكثرَ منَ الرجال، وتبدأ عادةً في سن المراهقة، فيُمكن ملاحظة أنَ بعض المراهقين وخاصةً الذينَ يُعانون من وزنٍ زائد، يُحاولون وضع خطة من تلقاء نفسهم وهيَ الحرمان فقط، دون استشارة الطبيب المختص، فتصل بهم الحالة إلى التعب وأحياناً النقل إلى المستشفى لتلقي العلاج.
ما هي أعراض القهم العصابي Anorexia Nervosa؟
توجد عدّة أعراض يُمكن ملاحظتها على الفرد المُصاب بهذه الحالة، مثل:
- سوء التغذية.
- شحوب البشرة.
- انخفاض حادّ في الوزن.
- تساقط الشعر.
- حالة مزاجية سيئة.
- نقص العناصر الغذائية {كالفيتامينات، الزنك، الحديد}.
- جفاف البشرة والجلد.
- التفكير الدائم.
- إلقاء اللوم على النفس.
- اضطرابات الدورة الشهرية.
- الشعور بالتعب والنعاس.
- الإمساك.
- الخوف الدائم من زيادة الوزن.
- الدوخة.
- الصداع.
- إنكار الشعور بالجوع والتوّهم بالشبع.
- ضعف الذاكرة والتوتر وتشتت الانتباه.
ما هي أسباب القهم العصابي Anorexia Nervosa؟
إنَ الأسباب غير واضحة للأطباء، ولكن توجد عدّة عوامل تُسهم في الإصابة بهذه الحالة المرضية، وتتمثل في:
التعرّض للتنمر:
السخرية والتنمر منتشرة بشكلٍ كبير في عالمنا، وخاصةً بينَ المراهقات في المدارس أو الجامعات، فيُمكن تعرّض الفتاة أو حتى الشاب للتنمر من قِبَل أصدقائه على وزنه الزائد، وقد ينعتونه بأحد الألقاب المؤذية لنفسيته ومشاعره، والإنسان في بداية عمره حساس جداً لأي موقف أو كلمة، لذلك نلاحظ أنه يعود للمنزل ويشعر بالاكتئاب ويبدأ بالتراجع عن تناول الطعام وحرمانه لنفسه، باعتقاده أنَ هذه الطريقة ستجعلهُ شخصاً نحيلاً بعدَ عدّة أشهر.
عدم الثقة بالنفس:
إنَ الشعور بعدم الرضا عن شكل الجسم أو المقارنة معَ الآخرين، قد تدفع الإنسان للإصابة بهذه الحالة، وخاصةً معَ ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، فلا توجد مصداقية في أغلب صور المشاهير من حيث النحافة والرشاقة، وذلكَ بسبب الفلاتر والفوتوشوب والإضاءة وطريقة التصوير وزوايا التصوير التي يتم التركيز عليها.
الوراثة:
يُمكن أن تكون سبباً فعّالاً، فمنَ المُمكن أنَ أحد الوالدين أو الأقرباء يُعانون من اضطرابات الأكل أو فقدان الشهيّة العصبي، فيرث الفرد هذه الحالة.
المجال المهني:
توجد بعض المهن تتطلّب الحفاظ على الوزن والجسم النحيل، فلذلك تلجأ الفتاة لحرمان نفسها منَ العناصر الغذائية التي تحتاجها، وتبدأ بالاعتماد على الماء فقط والقليل منَ الطعام بكمية لا تكفي لطفلٍ صغير.
ما هو علاج القهم العصابي Anorexia Nervosa؟
العلاج قد يأتي في مرحلة متأخرة، وذلكَ بسبب أنَ الفرد بنظره لا يحتاج للمساعدة من أحد ويعتبر حالته طبيعية جداً، ومنَ المُمكن أن لا يبدأ بالعلاج إلّا أثناءَ تدهور حالته الصحيّة، وتوجد عدّة علاجات مثل:
العلاج بواسطة أخصائي:
في بداية الأمر يجب أن يكشف الطبيب المختص على حالتك الصحيّة ومدى تطوّرها، ومن ثمَ يأتي دور أخصائي التغذية في وضع خطة غذائية تتضمن جميع العناصر التي يحتاجها جسمك، بالإضافة لمنحك النصائح في أوقات تناول الطعام ومحتوى الطعام الذي يجب التركيز عليه.
العلاج السلوكي المعرفي:
في هذه الحالة على المعالج أن يُسهم في تغيير أفكار الفرد عن وزنه وعاداته الخاطئة التي كانَ يتبعها وتحديد خطورتها عليه، فتُساعد هذه الخطوة في تعزيز الثقة بالنفس ونشل الأفكار السلبية التي كانت تُراودك عن وزنك.
الأدوية:
بالرغم من أنَ هذه الحالة المرضية ليسَ لها دواء محدد، إلّا أنهُ يُمكن وصف مضادّات الاكتئاب تحتَ إشراف طبيبٍ مختص، فقد تُساعد في تهدئة النفس منَ التفكير والاكتئاب والقلق حيالَ الأمر.
الدعم المعنوي:
ومن هنا يأتي دور الأسرة والأصدقاء في تعزيز ثقة المريض بنفسه، ومحاول إخراجه من حالته السيئة عن طريق رحلات الأصدقاء والحفلات وعمل الأشياء التي يحبها، ومن ثمَ تناول الطعام الصحيّ أمامه حتى يتشجع على هذه الخطوة دون أن يشعر بتأنيب الضمير.
العلاج داخل المستشفى:
قد لا تحتاج لهذه الطريقة إلّا إذا كنتَ تُعاني من سوء تغذية شديد وحالتك تحتاج إلى البقاء تحتَ إشراف الأطباء لعدّة أيامٍ متتالية، ويتم من خلالها تقديم سوائل وريدية ووضعك على أنبوب للتغذية إذا كنتَ تُعاني من نقص حادّ في السوائل والجفاف.
إنكَ رائع ومميز في كل شيء، لا تُحاول محاكاة الآخرين أو التشبه بهم، فالله سبحانه وتعالى خلقَ الإنسان في أحسن تقويم، وإذا كنتَ تُعاني من زيادة في الوزن فهذا أمر طبيعي، نحن بشر ولسنا روبوتات أو دمى يجب أن تكون بأبهى حلّة في كل زمانٍ ومكان، صحيح أنَ العناية بالنفس أمر مهم فالنظافة والجمال ضروريان، ولكن لا تُحاول تدمير صحتّك لإرضاء مديرك في العمل أو زملائك أو حتى شريك حياتك، وإنقاص الوزن أصبحَ في غاية السهولة من خلال الرياضة والنظام الغذائي الصحيّ واستشارة طبيب التغذية، وليسَ الحرمان من تلقاء نفسك، ثق بمظهرك وكن شخصاً إيجابياً، فصحتّك هيَ كنزك الثمين.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.