يعدّ الكتمان واحداً منَ الظواهر المنتشرة في العالم، فالشخص يكتم ما بداخله دائماً ولا يبوح لأي أحد، وذلكَ باعتقاده أنه لا يوجد أحد مهتم له ولقصصه ويومياته وآلامه وأحزانه التي تعرّضَ إليها، وبالتالي يختار عدم البوح والكتمان داخل قلبه، وخاصةً أنَ الحياة ليست وردية في جميع الأوقات بل نلاحظ أنَ كلَ شخصٍ يتعرّض لعدّة مواقف حياتية ونوازل شديدة تجعله يشعر بالحزن والاكتئاب في بعضِ الأحيان، ولكن للكتمان عدّة آثار سلبية على صحة الشخص وسلامته النفسية، فما هوَ الكتمان؟ وما هيَ أسبابه؟ وما هي آثاره السلبية؟ وكيفَ يمكن علاجه وإفراغ مشاعر كلَ شخصٍ منّا؟
صديقي القارئ،، نقدّم لكَ في هذا المقال معلومات شاملة عن الكتمان وآثاره النفسية والصحيّة التي يسببها على الإنسان:
ما هوَ تعريف الكتمان {الكبت النفسي}؟
يقصد بالكتمان {الكبت النفسي} أي بمعنى عدم القدرة على البوح والتعبير عن المشاعر، فنجد أنَ الأشخاص في هذا العالم ينقسمون إلى فئتين، الفئة الأولى تعمل جاهدة للتعبير عن ما بداخلها من مشاعر وخوف وغضب للتخلص منها وذلكَ بالطريقة التي تحبها {سواءً الجلوس معَ صديق، ممارسة الرياضات الصعبة لإفراغ الغضب، ممارسة هواية معينة} أو أي شيءٍ آخر يرتاح له الشخص.
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ الفئة الثانية هيَ الأصعب على الإطلاق، فيختار الأشخاص أن يكتمون مشاعرهم داخل قلبهم ظناً منهم أنهم سيكونوا ضعفاء أو جبناء إذا تحدثوا بها إلى الآخرين من حولهم، ولذلك يتعرّض هؤلاء الأشخاص للعديد منَ الضغوطات النفسية التي تسيطر على حياتهم اليومية، وينتابهم شعور {بالقلق، الاكتئاب، التوتر، الحزن، الغضب، الأرق الليلي، اضطرابات مزاجيّة} ومنَ الممكن أن يكونوا أكثر عرضة للعنف على الآخرين سواءً العنف المنزلي أو العنف ضد الأطفال وذلكَ لتفريغ طاقاتهم المكبوتة داخلهم.
ما هيَ أسباب الكتمان {الكبت} النفسي؟
توجد العديد منَ العوامل والأسباب التي تدفع الشخص إلى الخوف منَ التعبير عن ما بداخله والكتمان بشكلٍ دائم منها:
التربية الأسرية:
نوّد الإشارة إلى أنَ الأسرة أهم شيء في حياة كل طفل، فالطفل يعتبر كالصفحة البيضاء النقية، ولكن يوجد بعض الأسر التي تهتم بتربية أبنائها تربية قاسية فقط تعتمد على الكبت والحرمان والكتمان، مثال على ذلك {طفل صغير يتعرّض للكثير منَ الإهانات من قِبَل والديه وأصدقائه وعندما يحاول أن يتكلم لوالده أو والدته نلاحظ أنهم يتجاهلون مشاعره وأحياناً يصل الحدّ بهم إلى توبيخه إذا حاولَ البكاء وترسيخ فكرة داخل عقله أنَ البكاء يدّل على ضعف الشخصية وخاصةً عندَ الذكور ولا يجوز له التعبير عن مشاعره وأحاسيسه} وبالتالي هذه الأفكار التي ترسخت في عقل الطفل منذ الصغر عوّدته على الكتمان الداخلي وعدم القدرة في الإفصاح عن مشاعره.
الوحدة والعزلة:
أيضاً يعدّ منَ الأسباب المهمة التي تدفع الشخص إلى الكتمان الداخلي، فأحياناً يجد الإنسان نفسه لا يملك أي أصدقاء حقيقيين يمكنه البوح لهم، وأنَ الأشخاص الموجودين في حياته فقط للعمل، وخاصةً إذا كانَ يعيش منعزلاً عن الآخرين فيعتاد على هذا النمط القاسي منَ الكبت النفسي.
السعي إلى المثالية:
نوّد القول أنهُ يوجد العديد منَ الأشخاص يحبون أنفسهم بشكلٍ أشبه بالغرور، ويحاولون تفخيم صورتهم أمامَ زملائهم وأصدقائهم، لذلك دائماً يهتمون بالمظهر الخارجي والتباهي بالأشياء التي يملكونها، ويحاولون كبت مشاعرهم الحزينة والسلبية في داخلهم ظناً منهم أنَ هذا الخيار الأفضل لهم، فلا يمكنهم تقبل البوح للآخرين لأنهم يعتقدون أنهم سيظهرون ضعفاء أو يحتاجون المساعدة منهم، لذلك يتجنبون أي شكلٍ من أشكال البوح والتفريغ الداخلي.
اهتزاز الثقة بالآخرين:
أيضاً التجارب السلبية المتكررة في حياة الإنسان واهتزاز ثقته بالناس من حوله بعدَ تعرّضه للخذلان عدّة مرات، يجعله يكبت ما بداخله ولا يكون قادر على التعبير عن مشاعره خوفاً من أذى الآخرين أو ردّات فعلهم السلبية.
ما هيَ الآثار السلبية للكتمان {الكبت النفسي}؟
نلاحظ أنَ الكتمان يؤدي لحدوث عدّة أعراض وآثار سلبية على الشخص المليء بالضغوطات وذلكَ لعدم تفريغ طاقته المكبوتة داخله، ومنَ الآثار السلبية التي تحدث له:
- اللجوء إلى الوحدة والانعزال عن الآخرين.
- عدم القدرة على النوم ليلاً.
- التفكير الزائد.
- العصبية والانفعال على أتفه الأسباب والمواقف.
- اللجوء إلى العادات السلوكيّة غير الصحيحة {كالعنف، المخدرات، شرب الكحوليات}.
- اضطرابات الطعام وفقدان الشهيّة أو الشراهة في تناول الأطعمة.
- الشعور بالاكتئاب المستمر والحزن.
- الإصابة بمرض الهوس في بعض الأحيان.
- التصرفات غير السليمة والمؤذية للمجتمع.
- منَ المحتمل الإصابة بالوسواس القهري، والتفكير المتكرر للأحداث التي يواجهها.
- الشعور ببعض الهلاوس والأفكار والأصوات غير الحقيقية.
قد يهمك: أقراص أدازيو لعلاج الهوس
وتوجد بعض الآثار والمشكلات الصحيّة التي يصاب بها الفرد بسبب الكتمان مثل:
- ضعف المناعة.
- ألم في الرأس.
- آلام حادّة في القولون العصبي.
- ارتفاع ضغط الدم.
- الإصابة بالأمراض الخطيرة {كالسرطان}.
- اضطرابات هضمية {كاضطرابات المعدة، انتفاخ البطن، الإسهال والإمساك، الغثيان، الدوار}.
- حدوث النوبات القلبية.
وكما أشارَ سيغموند فرويد في عبارة له {أنه لا يؤذي الإنسان أكثر من كبت المشاعر السلبية طويلاً}.
ما هيَ أفضل 6 طرق للتعبير عن المشاعر وتجنب الكبت النفسي؟
يمكن لأي شخص اكتشاف الموهبة أو الشيء الذي يجعله سعيداً ويمنحه الطاقة، ومن ثمَ يبدأ بتفريغ طاقته بهِ، ولذلك نقترح عليكم الآن 6 طرق يمكنكم اختيار واحدة منها والتعبير عن مشاعركم بها:
الاستعانة بالله:
من أجمل وأنقى الطرق هيَ هذه الطريقة، فالتقرّب منَ الله سبحانه وتعالى من خلال الدعاء يومياً وأداء الواجبات الدينية سيمنح كل شخص شعوراً بالارتياح، والعلاقة الروحية بينَ الله والعبد تجعل كل إنسان يفكر أنَ الحياة قصيرة جداً والكبت النفسي والكتمان لن يخلّف وراءه سوى الأمراض، والتمتع بالحياة أهم من كل شيء، ويمكنكَ الحديث عن آلامك وأوجاعك وحزنك لله وأنتَ ساجد، تلقائياً ستشعر براحة أكبر.
مساعدة الآخرين:
يوجد الكثير منَ الأشخاص المجهولين في العالم والذينَ يحتاجون إلى المساعدة وتكوين الأصدقاء، لذلك حاول أن تبحث عنهم وتساعدهم، فهذه الخطوة ستمنحكَ الراحة والإيجابية وتعيد الثقة إليك من خلال دعاء الناس لكَ.
البحث عن المرشد الروحيّ:
لا شكَّ أنَ هذه الخطوة قد تكون صعبة نوعاً ما على الشخص الذي يعاني منَ الكبت والوحدة، ولكن يمكنكَ المحاولة وشق طريقك للبحث عن صديقٍ روحي ومرشد ديني ينصحكَ بالهداية وتتمكّن منَ التحدث إليه عن مواقفك الصعبة وآلامك التي تشعر بها.
التدوين اليومي:
يمكنكَ شراء دفتر صغير والتدوين عليه يومياً بعدَ عودتك منَ العمل والضغط اليومي والمهني، حاول أن تجلس في مكانٍ هادئ واكتب كل ما بداخلك من أفكار وخطط ومواقف وآلام تعرّضتَ لها، ومن ثمَ في نهاية الصفحة أضف عبارة {سأتخلص منها اليوم، فغداً بداية جديدة بإذن الله}، فهذه الخطوة ستساعدك على تفريغ طاقتك.
الصراخ في مكانٍ بعيد:
نعلم أنَ هذه الخطوة قد تكون مجنونة بعض الشيء، ولكن يمكنكَ فعلها إذا لاحظتَ أنكَ وحيد، وتعتبر سهلة نوعاً ما وهيَ الذهاب إلى مكانٍ ما في الطبيعة والبدء بالصراخ حتى تقوم بتفريغ طاقتك منَ الداخل وتشعر بالراحة النفسية والجسدية، فنصيحتي لكَ الالتزام بهذه الخطوة بدلاً منَ الكبت والأمراض التي ستنتج عنه.
التعرّف إلى نفسك:
حاول أن تأخذ إجازة لمدة أسبوع منَ العمل، واذهب في رحلة إلى الطبيعة أو الجبال وإذا ليست لديكَ القدرة على الذهاب إلى أي مكان، يمكنكَ تدليل نفسك والتعرّف إليها جيداً من خلال تحديد أولوياتك وأهدافك واتباع جلسات التدليك والساونا للترويح عن النفس والاستمتاع بالحياة والتفكير بأنَ الحياة دائماً يوجد بها جانبين هما {السلبي والإيجابي} وأنتَ يمكنكَ أن تسيطر على الجانب السلبي إذا آمنتَ بنفسك وبقدراتك الداخلية.
الحياة قصيرة ولا تحتاج إلى الكبت الداخلي والشعور بالأمراض، حاول أن تنظر إلى الجانب المشرق في الحياة، فأنتَ المسيطر على نفسك ويمكنكَ التحكّم بأفكارك وشفاء نفسك داخلياً مثلما ذكرنا في مقالٍ سابق لنا عن {علم الميتاهيلث} ، لذلك لا تضيع فرصتك في الحياة واستمتع بها جيداً.
{{ نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون }}.