يطلق مسمى العصر الجاهلي على الفترة الممتدة قبل بعثة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم والتي استمرت لمدة قرن ونصف ما قبل البعثة بالاستناد إلى قول الجاحظ: فإذا استظهرنا الشعر وجدنا له إلى أن جاء الله بالإسلام مئة وخمسين عام،وإذا استظهرنا له بغاية الاستظهار فمئتي عام.
لقد أطلق عليه هذا الاسم بسبب ما شاع فيه من النزق والغضب وهو المعنى المعاكس والمضاد تمامًا لكلمة الإسلام التي تشير إلى طاعة الله تعالى والخضوع له بكل ما ينتمي إليه من أخلاق حميدة. سنتحدث في هذا المقال عن العصر الجاهلي وعن السمات التي تميز بها.
أبرز خصائص العصر الجاهلي
للعصر الجاهلي مجموعة خصائص وسمات تميزه عن غيره من العصور وهي 7 خصائص:
- البيئة الجغرافية: حيث كان العرب الجاهليين يعيشون ضمن بيئة جغرافية صحراوية مع أراضي شديدة الجفاف وقاحلة، ولكن كانت تتواجد فيها في بعض الأحيان ينابيع مياه وواحات بعد هطول المطر.
- قيام العرب بعبادة الأصنام: من المعروف جدًا عن العرب الجاهليين أنهم كانوا وثنيين يعبدون الأصنام وأيضًا كانوا يضعونها في محيط الكعبة. أشهر الاصنام التي قاموا بعبادتها اللات وذو الشرى.
- استخدام اللغة العربية: كانت اللغة المستخدمة في العصر الجاهلي هي اللغة العربية التي تتفرع بشكل أساسي من اللغات السامية. يمكن القول أن الحضارة العربية في فترة ما قبل الإسلام كانت على اتصال قوي مع الحضارات اليونانية والمصرية والرومانية.
- انتشار الصعاليك: هي ظاهرة تميز العصر الجاهلي وحده، وهم مجموعة الخلعاء الذين يقيمون في الصحراء.
- الكرامة: لقد عرف منذ قديم الزمان عن حياة العرب بأنها كريمة وعزيزة تتسم بالوفاء ومحاولة مساعدة الضعفاء.
- الكرم الشديد: تعد من أبرز خصائص العصر الجاهلي والسبب في ذلك هو طبيعة البيئة الصحراوية التي عاش بها العرب والتي عززت التكافل الاجتماعي.
- الحكمة: تميز كل العرب في فترة العصر الجاهلي بالحكمة والفراسة حيث كانت تعد صفة منتشرة جدًا بالأخص بين القادة.
“اقرأ أيضًا: أشهر العلماء المسلمين في العصر الحديث“
الأدب في العصر الجاهلي
ينسب الأدب إلى فترة العصر الجاهلي فيقال عنه الأدب الجاهلي، وهو ينقسم لقسمين رئيسيين هما النثر والشعر وكلاهما يدلان على الظروف السائدة في تلك الفترة من كل الجوانب السياسية والاجتماعية وغيرها.
تم تدوين هذا الأدب في فترة القرن الثاني للهجرة ومن ثم تم تصنيفه وجمعه بشكل كامل حيث أنه لم يكن قد دون مسبقًا ومع ذلك يوجد الكثير من الخلافات حول مدى دقة هذا التدوين مما جعل الأدب الجاهلي لا يزال حتى يومنا هذا تحت النقد والدراسات المعمقة والتمحيص.
الشعر في العصر الجاهلي
يمكن أن نقوم بتقسيم الشعر الموجود في العصر الجاهلي لقسمين الأول تم ارتجاله من قبل الشعراء في تلك الفترة والثاني تم كتابته بتروي وتمهل شديد مع اتسام القصائد بالوحدة ولكن ليس بشكل متكامل وإنما أبيات متفرقة.
إن وصف القصائد في الشعر الجاهلي كان خاص بالشاعر وقبيلته فقط مع تدوين نمط الحياة الاجتماعية ووصفها بشكل دقيق وخاص جدًا.
بالإضافة لذلك تم وصف الفروسية في الشعر الجاهلي حيث كانت من أهم الأمور التي تحدث عنها الشعراء مع تأريخ كل الانتصارات التي يفتخرون بها في ذلك الوقت.
النثر في العصر الجاهلي
الأدب النثري في تلك الفترة كان قد عرف عنه بأنه أقل من حيث الكمية بالمقارنة مع الشعر الذي كان سباقًا في العصر الجاهلي لأنه مليء بمعاني الخيال والعاطفة على عكس النثر الذي كان يتكلم لغة المنطق والتفكير.
عرف عن العرب في تلك الفترة أنهم كانوا أميين في الغالب ولكن الشعر يمكن أن يتماشى مع الأمية وذلك لأنه يحتوي على أوزان موسيقية عديدة وعلى الكثير من النغم مما يجعل حفظه سهلًا ويسيرًا. على الجانب الآخر فإن النثر من الصعب أن يتواجد في ظل تفشي الأمية وهذا ما جعله أقل انتشارًا من الشعر.
على العموم فإن النثر الذي كان موجود في ذلك الوقت قد اتصف بعدم التكلف حيث أنه لم يحتوي على أي زخرفات ولا تطرف بل كان يسير وفقا لأخلاق البدوي وبيئته الخاصة المحيطة به.
“قد يهمك أيضًا: حقائق عن العصر الفيكتوري عليك معرفتها“
خصائص الشعر الجاهلي
يتميز الشعر العربي بمكانة خاصة جدًا عند العرب في العصر الجاهلي حيث كان له أهمية بالغة. كان الشعر الجاهلي في ذلك الوقت يدافع عن قبيلته بشكل خاص ويرد عنها الأعداء وأيضًا يخلد إنجازاته من خلال أبيات الشعر لذلك يعد وسيلة مهمة لكسب المال ونيل الخير من خلال المدح.
من أهم الخصائص التي تميز بها:
- كان الشعر الجاهلي يتميز بكثرة التصوير.
- تصوير البيئة الجاهلية على النحو الأمثل.
- تميز بالكثير من الصدق بعملية التعبير.
- تميز بالوضوح والبساطة والواقعية الشديدة.
- كان منظم جدا في الأفعال.
- الإكثار من ذكر اللغة العربية والتغني بها في الشعر.
فيما يلي نذكر أشهر الأبيات التي عرفت من الشعر الجاهلي:
قصيدة أمن أمّ أوفى دمنة لم تكلم
قال الشاعر زهير بن أبي سلمى:
أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ
بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ
وَدارٌ لَها بِالرَقمَتَينِ كَأَنَّها
مَراجِعُ وَشمٍ في نَواشِرِ مِعصَمِ
بِها العَينُ وَالأَرآمُ يَمشينَ خِلفَةً
وَأَطلاؤُها يَنهَضنَ مِن كُلِّ مَجثِمِ
قصيدة قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
قال الشاعر امرؤ القيس:
قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ
بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ
فَتوضِحَ فَالمِقراةِ لَم يَعفُ رَسمُه
لِما نَسَجَتها مِن جَنوبٍ وَشَمأَلِ
تَرى بَعَرَ الآرامِ في عَرَصاتِه
وَقيعانِها كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ
قصيدة سائلوا عنّا الذي يعرفنا
قال الشاعر طرفة بن العبد:
سائِلوا عَنّا الَّذي يَعرِفُنا
بِقُوانا يَومَ تَحلاقِ اللِمَم
يَومَ تُبدي البيضُ عَن أَسوقِها
وَتَلُفُّ الخَيلُ أَعراجَ النَعَم
أَجدَرُ الناسِ بِرَأسٍ صِلدِمٍ
حازِمِ الأَمرِ شُجاعٍ في الوَغَم
كامِلٍ يَحمِلُ آلاءَ الفَتى
قصيدة أحنّ إلى ضرب السّيوف القواضب
قال الشاعر عنترة بن شداد:
أَحِنُّ إِلى ضَربِ السُيوفِ القَواضِبِ
وَأَصبو إِلى طَعنِ الرِماحِ اللَواعِبِ
وَأَشتاقُ كاساتِ المَنونِ إِذا صَفَت
وَدارَت عَلى رَأسي سِهامُ المَصائِبِ
وَيُطرِبُني وَالخَيلُ تَعثُرُ بِالقَن
حُداةُ المَنايا وَاِرتِعاجُ المَواكِبِ
قصيدة عوجوا فحيوا لنعم دمنة الدار
قال الشاعر النابغة الذبياني:
عَوجوا فَحَيّوا لِنُعمٍ دُمنَةَ الدارِ
ماذا تُحَيّونَ مِن نُؤيٍ وَأَحجارِ
أَقوى وَأَقفَرَ مِن نُعمٍ وَغَيَّرَهُ
هوجُ الرِياحِ بِهابي التُربِ مَوّارِ
وَقَفتُ فيها سَراةَ اليَومِ أَسأَلُها
عَن آلِ نُعمٍ أَمونًا عَبرَ أَسفارِ
قد يهمك: تعريف شعر النقائض
في الختام نذكر أن العصر الجاهلي يشمل الحقبة الزمنية التي عاشتها قبائل العرب قبل الإسلام، وقد ذكرنا أهم خصائصه وسماته، والأدب النثري والشعري الذي انتشر فيه وميزه.