معلومات عن متلازمة ديوجانس
خلقَ الله سبحانه وتعالى الجنس البشري من أجل طاعته وتقدير أهمية الحياة والعيش بها بطريقةٍ صحيحة من خلال العمل الصالح والالتزام والاستمتاع بأدّق تفاصيلها، وبالفعل يوجد الكثير منَ الأشخاص الذينَ يُحاولون استغلال كل دقيقة في حياتهم من أجل المتعة معَ أسرتهم وأصدقائهم وتحقيق رغباتهم وأهدافهم بها وشعورهم بالرضا والسعادة من خلال هذا الروتين اليومي الذي يتّبعونه.
ومنَ الجدير بالذكر، أنهُ يوجد فئة منَ الأشخاص مختلفين تماماً عن البشر الطبيعيين في حياتهم، كونهم لا تُغريهم الحياة أبداً ويعتقدون أنها لا تستحق المعاناة فينعزلون في منزلهم ولا يختلطون بأحد لأنَ علاقاتهم الاجتماعية شبه معدومة، وقد يتحوّل بهم الأمر إلى الإصابة باضطرابٍ حادّ لا يُمكن التخلص منهُ بسهولة يُسمى {متلازمة ديوجانس}، ولذلك ما المقصود بمتلازمة ديوجانس؟ وما هيَ أعراضها؟ أسبابها؟ وطرق علاجاتها المتعددة؟
ما المقصود بمتلازمة ديوجانس Diogenes؟
لهذه المتلازمة اسم آخر {الشيخوخة القذرة} وتُعدّ واحدة من أغرب الاضطرابات النفسية التي تُصيب الإنسان، ويزداد خطر الإصابة بها كُلّما تقدّمَ الفرد في العمر، بحيث تتكوّن لديهِ نظرة مختلفة عن الحياة في أنها فانية ولا تستحق المعاناة والتضحية ولا يوجد أي شخص يُمكن الوثوق بهِ وفي أنها تعتمد على الماديّات فقط ولا يوجد خير بها بل الشرّ يُحيطها من كل مكان.
ونوّد الإشارة، أنَ المُصابين بهذه المتلازمة يميلون إلى الانعزال في منزلهم الصغير الخاص بهم، فيبدؤون بإهمال نظافته ونظافتهم الشخصية وتصدر منهم روائح كريهة جداً، ويُمكن ملاحظة أنَ الطعام متناثر في أرجاء الغرفة ولا يتم ترتيبها أبداً، فالكركبة والعشوائية في غرفهم تشعركَ بالضياع.
علاوة على ذلك، يُصاب الأفراد بمتلازمة ديوجانس تقريباً ما بعد عمر ال 50 عاماً، بحيث تظهر عليهم بعض الاضطرابات السلوكية في تصرفاتهم الغريبة وينفر منهم الأصدقاء أو الأقرباء بسبب شدّة جفائهم وتصرفاتهم الفظّة، وغالباً يقتنون الحيوانات ويميلون لامتلاكها عوضاً عن اختلاطهم بالبشر.
وعلينا القول أنَ سبب تسمية هذه المتلازمة بديوجانس يعود إلى الفيلسوف الإغريقي {ديوجانس الكلبي} الذي أمضى معظم حياته في برميل نبيذ وكانَ يشتهر باعتناقه للمبادئ الحيوانية والعدمية الفلسفية، وبالرغم من أنهُ لا توجد أدلة كافية على انعدام نظافة هذا الفيلسوف، ولكن اتضحَ فيما بعد أنهُ كانَ يعشق العزلة ويُفضّلها عن الاختلاط بالعامة.
ما هيَ أعراض متلازمة ديوجانس؟
بالتأكيد لهذه المتلازمة الغريبة علامات وأعراض تظهر على المُصاب بها، وتتمثل في:
- انبعاث روائح كريهة منَ الفم والجسم.
- طول الأظافر ومظهرهم السيء والمليء بالأوساخ.
- اتساخ الملابس وإهمالها.
- الإصابة بالجفاف.
- التعرّض لسوء التغذية بسبب إهمال العناية الشخصية.
- الشعر المتسخ وأحياناً الإصابة بالقمل والحكة المستمرة.
- الإصابة بالاكتناز القهري وخاصةً الميل لامتلاك الحيوانات.
- انعدام العلاقات الاجتماعية وسوء التعامل معَ أي شخصٍ غريب.
- الحالة النفسية السيئة.
- رفض المساعدة منَ الآخرين.
ما هيَ أبرز أسباب الإصابة بمتلازمة ديوجانس؟
لهذه المتلازمة أسباب وعوامل أدّت إلى تغيّر حالة الفرد منَ الطبيعية إلى اضطراب في سلوكه علينا ذكرها الآن:
- أسباب عضوية: في بعض الحالات يُصاب الإنسان في عمر الخمسين بكسر العظام أو هشاشته أو عدم القدرة على الحركة الطبيعية، وخاصةً إذا لم يتواجد أحد للاعتناء بهِ ولذلك يبدأ بإهمال نفسه ونظافته وتتدهور حالته النفسية إلى أن يُصاب بهذه المتلازمة.
- المرض النفسي: للأسف التعامل معَ الاضطرابات النفسية في بعض الأحيان لا يكون صحيحاً بما فيه الكفاية، فالمريض يتصف بعناده ولا يذهب لتلقي العلاج وعادةً العلاج لا يكفي وحده فيحتاج إلى الدعم المعنوي والنفسي.
ومن هنا عندما يُصاب الفرد بنوعٍ منَ الاكتئاب الحادّ أو الانفصام ولا يجد من يُقدّم لهُ الدعم والمساعدة، يُهمل نفسه وينعزل في منزله ويبدأ بإهمال نظافته ونظافة المكان من حوله.
- العوامل الاجتماعية: إنها من أكثر الأسباب التي تُؤدي للإصابة بمتلازمة ديوجانس، فالإنسان عندما يفقد عائلته بشكلٍ مفاجئ أو يتوفى إنسان عزيز عليه، فتتدهور حالته ويشعر بالاكتئاب وتزداد حدّته معَ مرور الوقت.
ما هيَ طرق علاج متلازمة ديوجانس المتعددة؟
إنها واحدة منَ الخطوات الصعبة جداً أن يتم علاج هذه الحالة، وخاصةً إذا كانَ المريض يرفض رفضاً قاطعاً تلقي الدعم أو الخروج من مكانه، ولكن توجد عدّة علاجات يُمكن أن تُسيطر على هذه الحالة وتُساعد في شفائها تدريجياً مثل:
- العلاج السلوكي المعرفي: من أفضل أنواع العلاجات فيجب الذهاب إلى مختص من أجل الاطلاع على أفكار المريض وتخيلاته واعتقاداته عن الحياة التي يعيشها، وبالتالي يتم الحوار بينه وبينَ المُعالج ويبدأ بدوره في تغيير أفكاره من خلال التكلم عن أهمية الحياة وكيفية استغلالها والاستمتاع بها وأنَ الله يحب الأفراد النظيفين والمتعلمين والخلوقين.
لأنَ هذه الفئة تحديداً يشعرون بأنَ الله يحبهم إن انعزلوا عن الآخرين وأهملوا نفسهم لانتظار الآخرة، فهذا العلاج إذا استمرَ على عدّة جلسات ستكون نتيجته إيجابية على نفسية المريض وحالته.
- الدعم المعنوي: يُفضّل أن يُسهم أقرباء المريض أو أبنائه أو أي أشخاص قريبين منه بالاطمئنان عليه والتقرّب منه والبدء بمدحه وتعداد إيجابياته ومساعدته على زيادة ثقته بنفسه أكثر في البحث عن هوايةٍ يحبها لتفريغ طاقته بها وفي تغيير حياته بدءاً من مكان سكنه إلى ملابسه ونظافته.
منَ الضروري التوازن في الحياة التي نعيشها، فإلى جانب أداء الطاعات والفروض الواجب علينا فعلها، منَ المهم أن يتم الاهتمام بالجانب النفسي والصحيّ من خلال البحث عن الهوايات التي يحبها كل فردٍ منّا وتكوين دائرة علاقات صغيرة معَ أشخاص مثقفين قادرين على المساعدة والاستمتاع بالطبيعة والحياة والعائلة فكل لحظةٍ صغيرة هيَ نعمة منَ الله.
ومنَ الأفضل أن تُقدّم يد المساعدة لأي إنسانٍ تشعر بأنهُ مائل للاكتئاب أو أنَ حالته النفسية غير مستقرة، فالعلاج أمر مهم في وقتٍ مبكّر لأنَ بعض الأفراد لا يملكون القوّة أو الثقة بالنفس لاجتياز حالتهم بل يغرقون في الظلام ويسمحون لهذه الاضطرابات بالسيطرة عليهم ونهش عقولهم بأفكارٍ وهمية وتشاؤمية.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.