اضطراب الشخصية الهستيرية DHP: الأسباب، الأعراض والعلاج
كن على يقين أنّ كل إنسانٍ متواجد على كوكب الأرض يختلف عن غيره إما في الصفات أو السلوكيات أو المظهر الخارجي، ولأنّ الإنسان اجتماعي بطبعه وفضولي ويسعى للتواصل معَ غيره من أجل كسب العلاقات معهم وأداء مهامه وأعماله، سيُصادف شخصيات لا حصرَ لها وخاصةً إذا كانَ من محبي السفر والتعرّف على أشخاص جدد، سيُلاحظ النرجسي والغيور والعميق والسايكوباتي والطيب والساذج والانطوائي وغيرهم العديد.
ومنّ الجدير بالذكر، أنه توجد شخصية غريبة الأطوار نوعاً ما يُطلق عليها الخبراء بالشخصية الهستيرية، فهيَ عبارة عن شخصية تُحاول عمل أي شيء من أجل لفت الأنظار إليها، قد يصل الأمر بها إلى ارتداء ملابس غير لائقة أو مغرية والظهور بها للعلن بهدف التركيز عليها فقط، وهذه الشخصية ما هيَ إلّا اضطراب قد يُسبب مضاعفات وآثار سلبية على حياة الفرد المُصاب بها، ولذلك ما المقصود بالشخصية الهستيرية DHP؟ وما هيَ أعراضها؟ أبرز أسبابها؟ وطرق علاجها والتعامل معها؟
ما المقصود باضطراب الشخصية الهستيرية Disorder Histrionic Personality؟
قبلَ أن نتطرّق إلى الحديث عن هذه الشخصية علينا تعريف الهستيريا بشكلٍ عام، فهيَ عبارة عن اضطرابٍ نفسي يشعر الفرد المُصاب بها بحاجته إلى المبالغة في أي حدثٍ يتعرّض لهُ، فمشاعرهم الجياشة تُسيطر عليهم وتجعلهم في حالة تهويل لأحداث حياتهم، وتُسيطر على المُصاب عدّة أعراض بسبب الهستيريا مثل تصلّب العضلات، زيادة نبضات القلب، ضيق التنفس، اضطرابات حادّة في الكلام، الصراخ واللجوء للعنف.
علاوة على ذلك، تمَ إطلاق اسم هستيريا على الشخصية التي تُبالغ في التهويل وتُحاول لفت أنظار من حولها بلباسها وأسلوبها، ويُمكننا الإشارة إلى تواجدهم بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، فنلاحظ أنّ بعض المشاهير يُحاولون نشر صورهم في أماكنٍ غير مريحة للنظر وبمظهرٍ سيء وبلباسٍ مغري، كما أنهم يُحاولون إثارة تعاطف المتابعين لهم من خلال فضح مشكلاتهم وهمومهم وأسرار عن حياتهم الشخصية.
كما أنّ الرغبة المفرطة وحاجتهم للآخرين تدفعهم لإيذاء أنفسهم إذا لم يشعروا بالحب وتقدير الآخرين لهم، وللأسف حياة هؤلاء المُصابين شاقة للغاية لأنهم لا يشعرون بقيمتهم وثقتهم بنفسهم إلّا بتواجد الأفراد حولهم والتركيز على الحديث عنهم.
ومن أهم الأطباء الإغريقيين الذينَ توّسعوا وتكلموا عن الهستيريا هم أبقراط، وبحسب بعض الدراسات تمَ التوّصل أنّ هذا الاضطراب يُمكن أن يحدث للرجال والنساء في آنٍ معاً، ولكنهُ يُصيب النساء بنسبةٍ أعلى.
اقرأ أيضًا: مصاصي الطاقة وكيفية التعامل معهم
ما هي أعراض الإصابة باضطراب الشخصية الهستيرية DHP؟
منّ السهل أن يتم التعرّف على هذه الشخصية، نظراً لتصرّفاتها وسلوكياتها غير الطبيعية، فمن أعراض الإصابة بها:
- النظرة التشاؤمية والسلبية عن أنفسهم.
- تدني احترام الذات وقلّة الثقة بالنفس.
- السعي إلى إرضاء الآخرين.
- الشعور بالإحباط أثناءَ تواجدهم في مكانٍ لا يهتم لهم.
- محاولة الاستعانة بجسد المُصاب في لفت الانتباه إما من خلال الملابس أو التصرفات والسلوكيات التي تنتهك قواعد المجتمع.
- التأثر بآراء من حولهم.
- التسرّع في اتخاذ القرارات.
- محاولة إيذاء النفس وقد يصل الأمر إلى الانتحار.
- محاولة استعراض أغلى ما يملك أمامَ الناس.
- حبّ التعرّف على الأفراد والظهور أمامهم.
- الشعور بحالةٍ نفسية غير مستقرّة.
ما هي أبرز أسباب الإصابة باضطراب الشخصية الهستيرية DHP؟
بالطبع توجد عدّة عوامل وأسباب تُؤدي لاكتساب هذه الشخصية وتطوّرها معَ تقدّم الإنسان في السن، مثل:
- البيئة المحيطة بالطفل: لأنّ الطفل نقي كالصفحة البيضاء فإنهُ يكتسب أي شيء من بيئته التي يتواجد بها، فإذا كانَ أحد والديه عصبي أو نرجسي فإنهُ يتعلّم هذا الأسلوب ويُطوّره إذا تواجدَ في بيئةٍ غير سليمة، فالوالدين مرآة للطفل وإذا كانوا أشخاص هستيريين فإنهم سيُحاولون تربية طفل هستيري أيضاً.
- تجاهل الوالدين للطفل: من أكثر العوامل المؤثرة على شخصية الطفل هيَ تجاهله والاهتمام بأشقائه، لأنّ الطفل في هذه الحالة سيلجأ لطرقٍ غير جيدة من أجل لفت نظر والديه إليه، وإذا لم تتم السيطرة على حالته وحالة والديه في التعامل معه، تتطوّر الشخصية وصولاً إلى مرحلة بلوغه واعتياده عليها.
- اتباع أسلوب الحب المشروط: للأسف إذا كانَ الطفل متواجد في بيئة تفرض عليه القيام بأشياء معينة من أجل الحب، سيُحاول اتباع هذا الأسلوب في حياته عندما يكبر، على سبيل المثال إذا طلبت الأم من طفلها حبيبي عزيز إذا أنهيتَ واجباتك بأكملها سأحبك أكثر.
ما هي طرق علاج اضطراب الشخصية الهستيرية DHP؟
ليست كباقي الاضطرابات النفسية، فهي تحتاج لوقت طويل أو أنَ علاجها أمر مستحيل، فتوجد عدّة خطوات تُساعد على التخلص منها مثل:
- الاهتمام أكثر: إذا كانَ طفلك يشعر بالإهمال من قبلك والغيرة من شقيقه فهذا الأمر خطير، حاولي اتباع أسلوب جديد من حيث منحه الاهتمام والحب أنتِ ووالده دون مقارنته بشقيقه أو تفضيل واحد على الآخر.
- جلسات العلاج النفسي: إذا كانَ المُصاب في مرحلة البلوغ، يُفضّل استشارة الطبيب من أجل السيطرة على الأفكار التي تدفع الفرد للقيام بهذه السلوكيات الشاذّة والمنتهكة لقواعد المجتمع من أجل الآخرين.
بالإضافة لضرورة اكتساب ثقته بنفسه وتشجيعه على حب ذاته وتجاهل آراء الآخرين عنه.
- تفريغ شحناته السلبية: بدلاً منّ التهوّر في القرارات والإقبال على أفعالٍ غير سليمة أو مؤذية للنفس من أجل لفت نظر المحيطين، يجب تشجيع المُصاب من قِبَل أسرته وأصدقائه على اكتشاف هواية يُحبّها من أجل ممارستها وتفريغ طاقته بها، فالتطهير يبدأ منّ الذات الداخلية.
- لا تتبع أسلوب النقد: أثناءَ فترة علاج المُصاب منّ الهستيريا حاول أن لا تنتقده على تصرفاته الماضية أو سلوكياته التي حاولَ افتعالها من أجل الآخرين، فعليكَ التركيز على إيجابياته ومميزاته وتشجيعه على العلاج.
لا بدَّ أنكَ سمعتَ بالهستيريا أو أطلقَ عليكَ أصدقائك هذه العبارة بسبب تصرفاتك الجنونية، فالشخصية الهستيرية ليست سيئة ولكنها لا تُحبّ نفسها وتشعر بالوحدة والإحباط والأزمات النفسية إذا تمَ تجاهلها، لذلك لا تكن ضد المُصاب أو تبتعد عنه لأنّ الأمر خارج عن إرادته، فكلمة منك أو عبارة تحفيزية قد تُساعده على تخطي هذه الأزمة.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.