أثر غذائك على دماغك – الغذاء والصحة النفسية
كثيرًا ما نسمع أو نقرأ في الكتب ومواقع التواصل الاجتماعي عن المخاطر والمشاكل الصحية المرتبطة بنقص الفيتامينات، ولكن أثر غذائك على دماغك، وهل يمكن أن يؤثر طعامك على صحتك النفسية؟
تحتاج أجسادنا إلى العديد من العناصر الغذائية لتعمل بأفضل كفاءة ممكنة، وتتضمن هذه العناصر الغذائية الفيتامينات، المعادن، البروتينات وغيرها.
سلطت الطبيبة النفسية جينيفر كراكر الضوء على العلاقة بين جودة الطعام والصحة النفسية، فقالت:
”تتطلب الصحة النفسية المثالية توفر الفيتامينات، المعادن، الأحماض الأمينية والدهنية بكميات مناسبة، وقدرة الجسم على امتصاصها، حيث تعد هذه العناصر الغذائية من اللبنات الأساسية لبناء خلايا الدماغ وعمل الناقلات العصبية بشكل صحيح”.
لأننا جميعًا مميزون كبشر، فيمكن للبعض منا تحمل نقص فيتامين معين، بينما يعاني البعض الآخر من أعراض مؤذية، ويمكن أن يتسبب نقص الفيتامينات بالقلق والاكتئاب وبعض الاضطرابات النفسية كالوسواس القهري أو الاضطراب ثنائي القطب.
لا يزال العلماء حتى الآن بصدد دراسة أثر العناصر الغذائية المختلفة على الصحة النفسية، وفيما يلي ما استطاع العلماء إثابته حتى الآن في أبحاثهم. (1)
فيتامين د
يعتبر فيتامين د من الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون، ومن الجدير بالذكر أنه مسؤول عن أكثر من 100 جين وراثي متعلق بالحالة المزاجية، جودة النوم وحماية الخلايا العصبية ومكوناتها.
توجد مستقبلات فيتامين د في جميع أنحاء الجسم بشكل عام، وفي الدماغ بشكل خاص، والعديد من هذه المستقبلات مؤثرة على الحالة المزاجية، اليقظة، التحفيز، الذاكرة والاستمتاع.
ينظم أيضًا فيتامين د الجينات المسؤولة عن صناعة المواد الكيميائية المفيدة للدماغ، كالسيروتونين والأوكسينوسين، وبذلك فيمكن لنقص فيتامين د التسبب في الاكتئاب، القلق، العصبية والتعب. (1)
فيتامين ب 12
يُساهم فيتامين ب 12 أيضًا في تكوين الخلايا العصبية الهامة، بالإضافة إلى لعبه دورًا أساسيًا في تنظيم المواد الكيميائية التي تحسن من المزاج، كالسيروتونين أو الدوبامين، بالإضافة إلى تنظيم مستويات هرمون التوتر النوربينفرين.
يساهم أيضًا فيتامين ب 12 بإزالة سموم الهوموسيستين، وهو سم عصبي للدماغ، ويرتبط هذا السم العصبي بالاكتئاب.
يمكن أن تشمل أعراض نقص فيتامين ب 12 على التعب، الذاكرة الضبابية، تنميل الأطراف، الشعور بالوخزات، ضيق التنفس وضعف الذاكرة، بالإضافة إلى العديد من الأعراض الأخرى المؤثرة على الحالة المزاجية للفرد. (1)
فيتامين ب 6
وفق آخر الأبحاث، يحتوي الدماغ على نسبة فيتامين ب 6 أعلى بحوالي 100 مرة من بقية أنحاء الجسم، وذلك لوظيفته المهمة في الصحة النفسية.
يعتبر فيتامين ب 6 من العوامل المساعدة على عمل هرمونات السعادة، بما فيها هرمون السيروتونين، الدوبامين، والناقل العصبي حمض الغاما أمينوبيوتيك، أو ما يُعرف بالاختصار GAMA.
يساهم فيتامين ب 6 مع فيتامين ب 12 في إبقاء مستويات الهوموسيستين ضمن قيمها الطبيعية، وبذلك فهو يساهم في حل مشاكل المزاج، وأكثر المعرضين لنقص فيتامين ب 6 هم مرضى الكلى، أو من يعانون من مشاكل في الامتصاص. (1)
المغنيسيوم
يساهم المغنيسيوم في تنظيم ضغط الدم، ومن الجدير بالذكر أن ارتفاع ضغط الدم يؤدي إلى حالة مزاجية غير مستقرة، ويزيد من العصبية.
من حسن الحظ أن نقص المغنيسيوم حالة نادرة، ولكنه يمكن أن يحدث في بعض الحالات الصحية، كمشاكل التغذية والامتصاص.
وتكمن أعراض نقص المغنيسيوم في التعب، الإرهاق، الكسل، فقدان الشهية، فقدان الشغف، الغثيان وتقلبات الحالة المزاجية. (1)
الزنك
يعتبر الزنك من المعادن الأساسية، وهذا يعني أن الجسم يحصل عليها من غذائه فقط، ولا يصنع بداخل الجسم.
وللزنك العديد من الأدوار الهامة لوظائف المخ، كما أنه يساعد فيتامين ب 6 على صناعة الهرمونات والإنزيمات كالسيروتونين والدوبامين.
عمومًا، يحصل معظم الأشخاص على حاجتهم اليومية من الزنك من خلال نظامهم الغذائي بسهولة، ولكن يمكن أن تُصاب بعض النساء الحوامل، المرضعات أو الأشخاص النباتيين، أو من يعاني من مشاكل في الجهاز الهضمي بنقص الزنك.
تشمل أعراض نقص الزنك فقدان الشهية، فقدان حاسة التذوق، سوء المزاج، الاكتئاب ومشكلات متعلقة بصعوبات التعلم. (1)
الحديد
يساهم الحديد في دعم خلايا الدم الحمراء لتنظيم وتوصيل الأوكسجين إلى جميع أنحاء الجسم والدماغ.
بالإضافة إلى ذلك يدعم الحديد توازن المواد الكيميائية الموجودة في الجسم، بما فيها الهرمونات والإنزيمات كالسيروتونين والدوبامين.
أكثر الأشخاص المعرضين لنقص الحديد السيدات، وهذا بسبب الدورة الشهرية، الحمل والولادة، بالإضافة إلى كبار السن والنباتيين، وهذا لعدم توفر العديد من مصادر الحديد في نظامهم الغذائي.
يؤثر الحديد على صحتك النفسية بالعديد من الأعراض منها التعب، الدوخة، الإرهاق، صعوبة التركيز والاكتئاب. (1)
أحماض أوميغا 3 الدهنية
تتضمن أحماض أوميغا 3 العديد من المركبات مثل مركب DHA ومركب EPA.
وكلاهما يلعب دورًا هامًا لوظائف الدماغ، بالإضافة إلى أنها تمنع الالتهابات، تحافظ على صحة خلايا الدماغ، وتحسن توصيل الإشارات العصبية بين خلايا الدماغ.
يمكن أن يؤدي نقص أحماض أوميغا 3 الدهنية إلى العديد من المشاكل المزاجية، وغالبًا ما يرافقها الجفاف، التعب، الحساسية والعطش المزمن. (1)
تشخيص نقص الفيتامينات
قبل المتابعة يجدر بنا التنبيه إلى أن بعض المشاكل المتعلقة بالصحة النفسية لا يمكن حلها فقط بتعويض نقص الفيتامينات.
بل يجب أيضًا أن يرافقها متابعة أخصائي الصحة النفسية للقيام بالعلاج الملائم. (1)
تقدم التغذية الصحية مساندة لعلاج المشاكل النفسية المتقدمة، كما أنها تمنع زيادة الحالة سوءًا، ويمكن أن تقود التغذية الصحية إلى استخدام أقل قدر ممكن من الأدوية. (1)
يمكن لبعض الأعراض منحك إشارة باحتمالية نقص الفيتامينات، وفيما يلي معظم هذه الأعراض: (2)
- الصداع المتكرر.
- مشاكل الجهاز الهضمي: كالإمساك، الإسهال، الغازات والانتفاخ.
- مشاكل الأظافر: حيث تُصبح الأظافر هشة وتتكسر بسهولة.
- مشاكل الشعر: بما فيها تقصف الشعر، تساقطه وجفافه.
- المشاكل الجلدية: كجفاف الجلد أو الأكزيما.
- الإرهاق: بالإضافة إلى التعب المستمر.
- تقرحات الفم: وقد يُلاحظ أيضًا التشققات حول الفم، بالإضافة إلى جفاف الشفاه وتشققها.
- نزيف اللثة: وخصوصًا عند تفريش الأسنان.
- نزيف الأنف: وخصوصًا إذا كان النزيف متكررًا.
- بطء التئام الجروح: ويمكن أيضًا أن يُلاحظ المريض سهولة الإصابة بالجروح والكدمات.
- مشاكل في العيون: حيث يمكن أن يتسبب نقص الفيتامينات في ضعف الرؤية الليلية، وتكون ما يشبه البياض على العيون، ويمكن أن يصل الحال إلى الإصابة بالعمى الليلي.
- القشرة: ويمكن أن يلاحظ المصاب بنقص الفيتامينات أن لديه قشرة رأس ملحوظة، ويمكن أن يلاحظ لدى البعض تقشر الجلد.
- التقرن الشعري: أو ما يعرف لدى العامة باسم الشعر تحت الجلد، وفي هذه الحالة تظهر نتوءات على الأرداف، الذراعين والقدمين، وتخفي هذه النتوءات شعر ملتف تحتها، ويمكن أن تكون هذه الحالة وراثية، وغير ناتجة عن نقص الفيتامينات على وجه التحديد.
- متلازمة تململ الساق: والتي تعني الشعور بحكة في الساق خصوصًا خلال النوم ومن غير سبب.
في حال تكررت هذه الأعراض فيفضل حينها إجراء تحليل طبي لفيتامينات الجسم، فالصحة الجسدية ترتبط بشكل مباشر بالصحة النفسية، وحين يشعر أي شخص بمشاكل أو تقلبات مزاجية فيجب عليه النظر إلى صحة غذائه. (1)
يمكن تعويض نقص الفيتامينات بتحسين جودة النظام الغذائي، أو تناول المكملات الغذائية بحسب توصية الطبيب. (1)
المراجع: